سعد بن معآذ ../ هذا الذي اهتز لموته عرش الرحمن !!

[شذى الحور]

لما تحوَّل الموقف يوم بدر من مجرد الحصول على العير إلى قتال بين المسلمين والمشركين , أراد النبي r أن يعرف رأي الصحابة قبل الدخول
في تلك المعركة الحاسمة فاستشار أصحابه وقال : أشيروا عليَّ أيها الناس , فتكلم أبو بكر الصديق فقال وأحسن , ثم قام عمر بن الخطاب
فقال وأحسن , وكذلك المقداد بن عمرو , وهؤلاء القادة الثلاثة الذين كانوا من المهاجرين , وهم أقلَّية في الجيش , فأحب رسول الله r أن يعرف رأي
قادة الأنصار , لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش , ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم , مع أن نصوص العقبة – بيعة العقبة – لم تكن تُلزمهم
بالقتال خارج ديارهم , فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة
:" أشيروا عليًّ أيها الناس " وإنما يريد الأنصار , وفطن إلى ذلك قائد الأنصار , وحامل لوائهم سعد ابن معاذ ,

فقال : والله , لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟

قال : " أجل ", قال : فقد آمنا بك , فصدقناك ,وشهدنا أن ما جئت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ,
فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك , ما تخلف منا رجل واحد , وما نكره أن
تلقى بنا عدواً غداً , إنا لصُبرٌ في الحرب , صُدُقٌ في اللقاء, ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك , فسر بنا على بركة الله .

فسُرَّ رسول اللهr بقول سعد , ونشَّطه ذلك , ثم قال : " سيروا وأبشروا ؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ,
والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم" .


وفي رواية : انه لما وصل سيد الأوس سعد بن معاذ إلى مقر قيادة النبي r في بني قريظة ؛ قال له النبي r:" احكمْ فيهم يا سعد ". فقال :إن الله رسول الله r أحق بالحكم ,

فقال النبي r: " قد أمَرَك الله أن تحكم فيهم " .. غير أن سعداً-وقد علم حرص قومه الأوس على التساهل في الحكم على حلفائهم اليهود-أحبَّ أن يستوثق من الجميع ,ويأخذ عليهم العهد –الأوس وبني قريظة-بأنَّ حكمه إذا صدر يكون غير قابل للنقض أو النقاش .

ووقف سعد بن معاذ في المعسكر النبوي , ووجه حديثه لقومه الأوس خاصَّة , وإلى مَنْ في المعسكر عامَّة قائلاً :
عليكم بذلك-عهد الله وميثاقه- أن الحكم كما حكمتُ ؟

قالوا : نعم . ثم اتجه إلى النبي r وأشار إلى الناحية التي هو فيها , ثم قال وهو مُعرض عن رسول اللهr
إجلالاً وإكباراً
:وعلى مَنْ هاهنا؟

وأشار إلى الخيمة التي فيها رسول اللهrفقال عليه الصلاة والسلام :"نعم" ثم أشار إلى بني قريظة
المحجوزين جانباً في المعسكر ؛ ليستوثق منهم قائلاً : أترضون بحكمي ؟ قالوا: نعم .

فحكم بأن تقتل المقاتلة , وأن تسبى النساء والذُّرَّيّة , وأن تقسَّم أموالهم .

ولما نطق سعد بن معاذ الحكم , قال له النبي r:" حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ".
فانظروا إلى أدب سعد بن معاذ أثناء الحكم , وإشارته إلى خيمة رسول الله r
وهو معرض عنها إجلالاً لرسول الله r.