[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://up.monms.org/uploads/1411188020251.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]  
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:99%;background-image:url('https://up.monms.org/uploads/1411170519942.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] 

تنبيه على عبارة : " لا تقل : يا رب عندي هَمّ كبير "
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
عبارة قرأتها كثيرا في أكثر من منتدى ، وفي أكثر من توقيع ،  ومرّت بي العِبَارة كثيرا ! إلاّ أنها استوقفتني مَرّة مِن الْمَرّات ،
 فوقفتُ مُتأمِّلاً في قولهم : لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير ، ولكن قُل  : يا هـمّ عندي ربّ كبير !
فتذّكَرتُ شَكوى نبي الله يعقوب عليه الصلاة  والسلام ، حينما بَثّ حُزنه وشكواه إلى الله ، فقال : 
( إِنَّمَا أَشْكُو  بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) . 
 قال ابن كثير في تفسير الآية : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي) أي : هَمِّي وما أنا فيه (إِلَى اللَّهِ) وَحْدَه . اهـ . 
وقال ابن عادل الحنبلي : والبَثُّ : أشَدُّ الحزن ، كأنَّه لِقُوّته لا يُطاق حَمْله . اهـ . 
وقال القاسمي : أي : لا أشكو إلى أحد منكم ومِن غيركم ، إنما أشكو إلى ربي  داعيًا له ، وملتجئا إليه ، 
فَخَلّوني وشِكايتي . ( وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ  ) أي : لمن شكا إليه من إزالة الشكوى ، ومَزِيد الرحمة : ( مَا لاَ  تَعْلَمُونَ )
 ما يُوجب حُسن الظن به ، وهو مع ظنّ عَبْدِه بِه . اهـ . 
ووقفتُ مع شكوى الْمُجادِلَة .. 
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ) 
وفي بعض الآثار : 
" قالت : أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ووحشتي وفِراق زوجي " .
فالْهَمّ العظيم لا يُشكَى إلاّ إلى الله ؛ لأنه لا يَكشفه إلاّ الله . 

 فَشَكوى الْهَـمّ إلى الله مشروعة ، بل هي مطلوبة شرعا ..
واشتُهِر عن عليّ رضي الله عنه قوله : أشكو إلى الله عُجَري وبُجَري .
قال الأصمعي : يعني همومي وأحزاني .
قال أبو إسحاق الشيرازي : 
لبِستُ ثوب الرَّجا والناس قد رقدوا *** وَقمِتُّ أشكوا إلى مولاي ما أجـدُ 
وقُلتُ يا أمَلـي فـي كـلِّ نائبـة *** ومَن عليه لكشف الضُّـرِّ أعتمد 
أشكو إليك أمـوراً أنـت تعلمهـا *** ما لي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ 
وقد مدَدْتُ يدِي بالـذُّلِّ مبتهـلاً *** أليك يا خير من مُـدَّتْ أليـه يـدُ 
فـلا ترُدَّنهـا يـا ربِّ خائـبـةً *** فبَحْرُ جودِكَ يروي كل مـنْ يَـرِد

 ولا يعني هذا أن لا يُشكَى إلى غير الله ؛ لأن في الشكوى تخفيفا وتسلية .. 
" وهذا ما لم يكن الـتَّشَكِّي على سَبيل الـتَّسَخُّط ، والصبر والتجلّد  في النوائب أحسن ، والتعفف 
عن المسألة أفضل ، وأحسن الكلام في الشكوى سؤال  المولى زوال البلوى " كما قال القرطبي . 
وربما شَكَا الصحابة الكرام رضي الله عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يَجِدون .. 
قَال خَبَّاب بْن الأرَتّ رضي الله عنه : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ 
فِي  ظِلِّ الْكَعْبَةِ .. رواه البخاري . 
وقال رضي الله عنه : شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصلاة في الرمضاء فَلَم يُشْكِنا . رواه مسلم .
وفي المسْنَد : قال الزبير بن عدي : شَكونا إلى أنس بن مالك ما نلقى من  الحجاج ! فقال : اصبروا فإنه 
لا يأتي عليكم عام - أو يوم - إلاّ الذي بعده  شرّ منه ، حتى تلقوا ربكم عز وجل . سمعته من نبيكم 
صلى الله عليه وسلم . 
قال أبو طلحة رضي الله عنه : شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع .. رواه الترمذي .
وقال الحارث بن يزيد البكري : خرجتُ أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. رواه الإمام أحمد . 
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو جارَه ... رواه أبو داود . 
وعند البخاري من حديث عَدِيّ بْن حَاتِم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال :  كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 فَجَاءَهُ رَجُلانِ ؛ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَة ، وَالآخَرُ يَشْكُو  قَطْعَ السَّبِيلِ ... 
والعَيْلة : هي الفَقْر . 
قال القرطبي في تفسيره : فأما الشكوى على غير مُشْك فهو السَّفَه ، إلاَّ أن يكون على وَجه البثّ والـتَّسَلِّي . اهـ . 
 
وعلى كُلّ فإن قولهم : " لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير ، ولكن قُل : يا  هـمّ عندي ربّ كبير " ، وإن كان 
ما قَصَدُوه وَاضِحًا ، إلاّ أنّ قولهم : "  لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير " ، مُتضمّن لِعدم شكوى الْهَمّ إلى  الله .. 
وهذا خِلاف المشروع من شكوى الْهَمّ إلى الله الذي بِيدِه مفاتيح  الفَرَج ..
وأنشد بعضهم : 
إذا الحادثات بَلَغْنَ الْمَدَى *** وكادت تَذوب لَهُنّ الْمَهْج 
وحَلّ البلاء وقَلّ العَزاء *** فعند التناهي يكون الفَرَج
كتبه / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
 الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية 

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
 
 
 
                           
		
                  
		
		
		
		
		
		
		
			
	
	 
			 
		
		
		
		
		
			
				
				
					
						التعديل الأخير تم بواسطة ابتسامة ; 05-04-2015 الساعة 10:29 AM