كانت زهـرةٌ وحيدةٌ في حديقـة .
وذاتَ يومٍ وَجَدَت زَهـرةً أُخرى بجانِبِها ، فاتَّخَذَتها رفيقة .
 
قالت : يا زهـرتي الجميلة ، إنَّني بِكِ سعيدة ، فقـد آنستيني بعـد أنْ كُنتُ وحيدة .
 
فرَدَّت : وما أسعـدنِي بِكِ يا رفيقة !
 
قالت : سنعيشُ في الحَديقةِ ، نتقاسَمُ المَاءَ والهَواءَ ، ونستمتِعُ بزُرقةِ السَّماءِ .
 
فرَدَّت : يا لِجَمالِكِ ! فإنِّي أُحِبُّ السَّماءَ ، وأتعَجَّبُ مِن سعةِ
الفَضاءِ ، فسُبحانَ الله الذي خَلَقَ كُلَّ شئٍ ، فأحسنَ خَلْقَهُ !
 
قالت : ما دامت وِجهتُنا واحِدة ، وما دُمنا رفيقتين مُتحابَّتين ، فلن نفترِقَ بإذن الله .
 
فرَدَّت : سيبقَى الوُدُّ والحُبُّ بيننا ، وإنْ اختلفنا .
 
قالت : لن نسمَحَ للشيطانِ بالإيقاعِ بيننا ، ولن نمنَحَ المُتربِّصينَ
لِصداقتِنا الفُرصةَ للتفريق بيننا .
 
فرَدَّت : ونِعمَ الصديقةُ أنتِ . فكَم للصداقاتِ الجميلةِ
مِن مُتربِّصين ! وكَم للزهراتِ الرقيقةِ مِن حاسِدين !
 
قالت : يا أجملَ رفيقة ، سأُعبِّرُ لَكِ عن مشاعري تُجاهَكِ بكلماتٍ بسيطة .
 
فرَدَّت : عَبِّري بما تشائينَ يا رفيقة .
 
قالت : إنَّني أُحِبُّكِ يا زهرتي الجميلة ، وأسعدُ برُؤيتِكِ ، وأتوقُ لَكِ في غَيْبَتِكِ ،
 وبظَهر الغيبِ أدعُوا لَكِ ، وحياتي تزهُوا بِكِ ، فأنتِ رفيقتي - بإذن اللهِ - للجِنان ، 
وبقُربِكِ ووصلِكِ أبتغي رِضا الرَّحمَن .. وأُحِبُّكِ حينَ تنصحيني ، وإنْ جَرحتيني ،
 فليس الصديقُ مَن يُوافِقُ صديقَهُ على كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ ، أو يُجاريهِ ويُجامِلُه
 ويُظهِرُ رضاهُ عن أفعالِهِ وهو غيرُ راضٍ ،واعـذُريني إنْ أخطأتُ في حقِّكِ بكلمةٍ 
أو فِعل ، فما ذاكَ قصدتُ .
 
فرَدَّت : أُبادِلُكِ نَفسَ مشاعِركِ يا رفيقة ، وأسعـدُ بقُربِكِ وبكَونِكِ
لي صديقة ، وأسعـدُ بنُصِحكِ لي وتوجيهكِ ، وأقبلُ ذلك بصدرٍ رَحب ،
 ولا أبخلُ عليكِ بنُصحي ، فأنتِ مِرآتِي ، وأنا مِرآتُكِ . وتأكَّدي 
أنَّ هذا هو الحُبُّ الحقيقيُّ ، وهذه هِيَ الأُخُوَّةُ الإيمانيَّةُ الصادقة .  
قالت : أسألُ اللهَ - جلَّ وعلا - أن يُديمَ الحُبَّ فيه والأُخُوَّةَ بيننا ، 
وأن يؤلِّفَ بين قلبَيْنا .
 
فرَدَّت : آمين .
 
 
 
 
بقلم الساعية إلى الجنة